منتديات فجر المشارق السودانيه
مرحبا بك زائرنا الكريم هذه الرساله تفيد بانك غير مسجل في المنتدي الرجاء التسجيل لكي تتمكن من تصفح جميع الاقسام
منتديات فجر المشارق السودانيه
مرحبا بك زائرنا الكريم هذه الرساله تفيد بانك غير مسجل في المنتدي الرجاء التسجيل لكي تتمكن من تصفح جميع الاقسام
منتديات فجر المشارق السودانيه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات فجر المشارق السودانيه

اغاني, عربيه, سودانيه, اجنبيه, مقاطع فيديو, العاب فلاش, عالم الرومانسيه, خاص للبنات, عالم حواء, علم نفس, دردشه, مشاركه الاراء السياسيه, مطبخك, صحتك, حب, تواصل, ابداع, برامج, جوال, كمبوتر, يوتيوب,
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
سحابة الكلمات الدلالية
المواضيع الأخيرة
» لعبة جراند لعبه قراند تحميل حمل لعبه قراند سرقة السيارات على الكمبيوتر تثبيت و تنصيب في كمبيوترك او اللاب توب
الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم. Icon_minitimeالأحد مايو 13, 2012 11:23 am من طرف القاتل المشهور

» الربع - صوله بالجيتار
الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم. Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 24, 2011 7:09 pm من طرف Admin

» مودة وحمدي وجاسوس الثورة الح
الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم. Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 24, 2011 7:07 pm من طرف Admin

» محمد الطـاهر للإنتاج * هبه جبره وايمن الربع
الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم. Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 24, 2011 7:06 pm من طرف Admin

» صوله الربع غريبه
الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم. Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 24, 2011 7:05 pm من طرف Admin

» ايمن الربع الجديدبواسطة
الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم. Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 24, 2011 7:03 pm من طرف Admin

» افريقي موتــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم. Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 24, 2011 7:00 pm من طرف Admin

» هبه جبرة عاطف زنقة ريدة الكضب.mp4بواسطة
الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم. Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 24, 2011 6:46 pm من طرف Admin

» محمد تبيدي و حسين الصادق : يا سائق الفيات
الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم. Icon_minitimeالأربعاء أغسطس 24, 2011 6:43 pm من طرف Admin

مايو 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
  12345
6789101112
13141516171819
20212223242526
2728293031  
اليوميةاليومية
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني




 

 الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم.

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin
Admin


عدد المساهمات : 91
تاريخ التسجيل : 29/07/2011
العمر : 34

الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم. Empty
مُساهمةموضوع: الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم.   الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم. Icon_minitimeالإثنين أغسطس 15, 2011 8:15 pm



[center]اللوبي الصهيوني العالمي
الحلف الاستعماري وقضية فلسطين
دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم.

تأليف:
محمد علي سرحان

الإهداء:
إلى كل من منحني محبته وثقته.
إلى والدي ووالدتي.
إلى راما وريما وماري أحباء روحي.
لنبحث دائماً عن الحقيقة لأننا سنجدها دافئة كالشمس.
محمد علي سرحان
2001


الفهرس:
المقدمة:
الباب الأول: الصهيونية العالمية من بنيامين فرانكلين إلى نابليون بونابرت ووعد بلفور.
الباب الثاني: اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ومجموعات الضغط اليهودية في أمريكا.
الباب الثالث: الصهيونية العالمية في روسيا القيصرية ومسألة (البروتوكولات).
الباب الرابع: دور اللوبي الصهيوني في فرنسا وتصريحات جوسبان الخطيرة.
الباب الخامس: أكذوبة ضحايا الهولوكوست (جماعة مراجعة كتاب التاريخ).
الباب السادس: التطبيع استراتيجية صهيونية جديدة.
الباب السابع: حكومات الكيان الصهيوني ترفض عملية السلام، وتشجع الحرب في المنطقة.
الباب الثامن: العلاقات التركية- الإسرائيلية وأزمة المياه في المنطقة (حرب المياه ضد العرب).
الباب التاسع: الستار النووي الإسرائيلي وخطورته على المنطقة العربية.
الباب العاشر: منظمة إيباك وتأثيرها على الرئيس الأمريكي بل كلنتون (فضيحة مونيكا- غيت).
الباب الحادي عشر: هنري كيسنجر وانتقاد حكومة باراك (تصورات جديدة للأمن القومي الأمريكي).
اباب الثاني عشر: الصهيوني المتعصب ليبرمان مرشح للرئاسة الأمريكية.
الباب الثالث عشر: ملاحق الكتاب.
كلمة أخيرة.



المقدمة
الكتاب الذي بين أيدي القارئ دراسة وبحث سياسي واسع عن اللوبي الصهيوني
العالمي وتأثيره مع الحلف الاستعماري على فلسطين الذي نشأ بين مؤسس الحركة
الصهيونية العالمية "ثيو دور هرتزل" صاحب كتاب "الدولة اليهودية" وبين
الدول الكبرى التي كانت لها مصلحة في بعث "المسألة اليهودية" وتهجيرها
بالتخطيط المسبق من أوروبا إلى منطقتنا العربية، رغم أن أوروبا تتحمل
مسؤولية المجازر والمحارق ضد اليهود وليس شعوبنا ودولنا وأوطاننا، لأن تلك
المسألة كما يوضح هرتزل نفسه هي ذات منشأ أوروبي بكل المقاييس بطبيعتها
وتناقضاتها وخلافاتها ومآسيها وبمساعيها الشاملة.

تتكشف من خلال الدراسة هذه برأيي "أسبابها الأوروبية" وتتحملها أوروبا
أدبياً وأخلاقياً وقانونياً. وللامبراطوريات الأوروبية والنظام النازي
الهتلري الدور الكبير في إشعال النار تحت رمادها، وأدت إلى حدوث المشاكل
والحروب والمؤامرات والدسائس والفتن الرهيبة بهدف إشاعة الفوضى والتخلص
منها نهائياً بدعم تصوراتها التوراتية الأصولية المستمدة من العنصرية
والاستيطان أنتجتها كمادة غنية لهمجيتها، واستناداً على عقليات منغلقة التي
نضحت بها الحروب الصليبية ودفعت حملة نابليون بونابرت إلينا والتآمر على
شعوبنا بالتخطيط للمؤامرات الدولية المحاكة جيداً مع المنظمات الفاشية
والعنصرية والاتحادات الصهيونية وحتى مع أثرياء اليهود قبيل هرتزل بمئات
السنين.
التاريخ حافل بمسلسلات تثبت حقائق لا مناص منها، من أهمها أن الدكتور هرتزل
اعترف بنفسه بأن فكرة الدولة اليهودية هي فكرة بسيطة وباهتة بالنسبة له
ولغيره سرعان ما شجعتها الأوساط الاستعمارية المتعاونة مع شركة آل روتشيلد
وغيرها، وتمخضت عنها وعود بريطانية (وعد كامبو أيار 1917) (ووعد بلفور
تشرين ثاني 1917) ودور الكنيسة الأمريكية والحركة الدبلوماسية البريطانية-
الأمريكية بتشجيع الاستيطان اليهودي على أرض فلسطين لأسباب تتراءى أمامنا
الآن بعد عشرات السنين من التآمر.

لا يمكن تغطية الموضوع من جميع أطرافه وإلا احتاج فعلياً إلى موسوعة كبيرة
لكن البحث والدراسة فيه احتاجت إلى وقت وجهد ليسا قليلين وبخاصة أن تسليط
الضوء على اللوبي الصهيوني العالمي وحقيقته والدور الأميركي والأوروبي في
اقتلاع وتشريد شعبنا له دلالات عميقة، وما نعانيه اليوم من الكيان الصهيوني
الاستيطاني الاستعماري وأساليبه ضد شعوبنا العربية، واقترافه لأبشع
المجازر والقتل والإرهاب تعيد لأذهاننا طبيعة وأهداف الحركة الصهيونية التي
لا تختلف عن النازية بل هي أشد وطأة منها على حياتنا ومستقبلنا لأنها
تقتلع وتستوطن وتسرق تاريخنا وأرضنا وبيوتنا وتزوّر الحقائق من أجل إقناع
غيرنا بأنهم عادوا من الشتات إلى ما يسمى بـ"أرض الميعاد"؟!..
ويطرحون شعارهم الخطير من "النيل إلى الفرات" بأسلوب همجي ومتعصب لا تحده
حدود وانطلاقاً من دستورهم "بروتوكولات حكماء صهيون" الذي يعتبر من أخطر
كتبهم الدينية السرية ويستندون عليه على أساس أنهم "شعب الله المختار" بحقد
أعمى بربري ومتوحش معادي لكل الشعوب وأمم الأرض وبالأخص شعبنا الفلسطيني.

لقد أعربت معظم الدول العربية عن استنكارها من الدور المؤثر الذي يمارسه
اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ومجموعات الضغط اليهودية التي وجدت في
محاولات جر دولة عظمى إلى سياسة العداء المستمر للعرب وحقوقهم العادلة
بتشجيع سياسة إسرائيل العدوانية والعنصرية والاستيطانية، حيث أكد البيان
الختامي الصادر عن الدورة (34) لمجلس الاتحاد البرلماني العربي، انتقاداته
لمحاولة جر مجلس الشيوخ الأمريكي بعد الكونغرس الأميركي للموافقة على نقل
السفارة الأميركية إلى القدس العربية، مشيراً إلى أن تلك المحاولة تتعارض
كلية مع قرارات الشرعية الدولية وأن السلام والاحتلال متناقضان لا يلتقيان
وتوضح تلك المحاولات الدور الخطر لـ اللوبي الصهيوني منذ زمن بعيد في دعم
السياسات العدوانية ضد شعوبنا العربية بدءاً من اغتصاب فلسطين 1948 حتى
تأمين مستلزمات الدعم العسكري والمالي والأمني في حروب إسرائيل ضد العرب.
ورغم أن العرب اختاروا السلام كاستراتيجية ثابتة لهم على أساس استرداد
الأراضي العربية المحتلة بالكامل على قاعدة العدل والشمولية ومرجعية مدريد
وقرارات الشرعية الدولية (242-338) و(425) في جنوب لبنان وحق عودة اللاجئين
إلى ديارهم وأراضيهم بقرار (194) إلا أن كل ذلك كان حبراً على ورق.

من هنا يمكننا الدخول في هذا الكتاب لنعطي رؤية عن دور مجموعات الضغط
واللوبي الصهيوني ومدى تأثيرهما على السياسة الخارجية الأميركية ودعمهما
للكيان الصهيوني ويعتبر الكتاب أساساً عن اللوبيات الصهيونية في العالم،
لما يحتله الموضوع من أهمية باعتبار أن الحلف الاستعماري غير المقدس تشكل
بين الدول الكبرى تحت النجمة الصهيونية منذ زمن بعيد، ولا يزال تشابك
مصالحهما الاستراتيجية مؤثراً على مصير ومستقبل الأجيال والشعوب العربية،
والدول الكبرى تحاول توفير الفرص والمناخات لجعل الدول والشعوب العربية
تابعة وغير مهيئة للوحدة أو التطور أو مواجهة الكيان الصهيوني. سنجد في
محتويات هذا الكتاب ما يمكن اعتباره كشف حقائق وأدوار مجموعات الضغط
اليهودية واللوبي الصهيوني على الإدارات الأمريكية وفرنسا وروسيا ودول أخرى
بهدف الشراكة الكاملة مع المشروع الصهيوني الاستعماري والاستيطاني في
منطقتنا ومناطق أخرى من العالم.

قدمت في هذا الكتاب العديد من القضايا التي تكشف خفايا الدور الصهيوني
العالمي ومنظماته المتعددة للوصول إلى أهداف خطط لها ثيودور هرتزل في كتابه
"الدولة اليهودية" والحجج الواهية التي استند عليها وضغطه على السلطان عبد
الحميد الثاني للاستيلاء على فلسطين، إضافة إلى أمور تاريخية جرى تحليلها
ودراستها بشكل موضوعي محاولاً تسليط الأضواء على ما يهمنا من طبيعة اللوبي
الصهيوني العالمي وتتبع مسارات عديدة لأدوار مثيرة لعبها نابليون بونابرت
قبيل هرتزل، وفشل الحملة الفرنسية على بلاد الشام ودور كل من (الملك فاروق
والملك عبد العزيز آل سعود) وحرصهما المشترك على استبعاد المؤامرة الدولية
عن فلسطين وشعبها ودور (التروست الاستعماري اليهودي) في تحريك السياسة
الخارجية الأمريكية تجاه بلادنا أو اتجاه إيران وباكستان والهند أو تجاه
روديسيا والكونغو وجنوب أفريقيا.

إضافة إلى دور (لجنة البحث اليهودية العالمية) وتفاصيل دقيقة عن دورها
العالمي سابقاً ولاحقاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، والتطرق إلى
احتفالات "كيولاه" وماذا تعنيه تحركات يهود مصر أو يهود إيران وآسيا الوسطى
وارتباط الحاخامية في الاسكندرية بالحركة الصهيونية ومخططاتها مع بريطانيا
ودور اتفاقيات "كامب ديفيد" التي لعبتها لضرب منجزات العهد الناصري، لا شك
أن الشعب المصري ضمن أمته العربية ودوره فيها له أبعاد وأدوار قومية غير
سهلة، وفي هذا المجال أدخل لأعرّف القارئ العربي بالدور الكبير الذي مارسته
الحركة الصهيونية الروسية أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين،
ودور جادة "جيليني شيفسكي" اليهودية في تجميع العناصر المعادية لثورة
أكتوبر منذ البداية والتحريض الذي قام به دينكين وجماعاته السرية، ودور كل
من "دزيرجنسكي" رئيس المجلس الثوري العسكري و"موسى أورتيسكي"، إضافة إلى
امتداد الأعمال السرية للحركة الصهيونية السيبيرية ودور (بيريا)[1] وزير
الداخلية ومستشار ستالين وكشف عصابة "اليونكر" وعصابة لجنة الأطباء العليا
في موسكو التي قتلت ستالين مسموماً؛ والسؤال لماذا قتل ستالين من قبل
اليهود؟! ونعود إلى دراسة دور اللوبي الصهيوني في فرنسا، ومحاولات الضغط
اليهودي-الصهيوني على غاندي للاعتراف بوعد بلفور، ثم نظرة على وضع التسوية
قبيل انتخابات 1999، ومواضيع أزمة المياه كجزء من الحرب السرية، وأخيراً
كشف بعض الحقائق عن التسليح النووي الإسرائيلي.

لقد تطلع اليهود والصهاينة إلى أدوار فعالة على المسرح الدولي بدعم
بريطانيا والولايات المتحدة المطلق لتأمين الموارد الأولية ومناطق استثمار
النفط، وطرق المواصلات الاستراتيجية، والسيطرة على الإنتاج الزراعي
والصناعي منذ عام 1918، علق ولسون قائلاً: "أعتقد بأن الأمم الحليفة قد
قررت وضع حجر الأساس لانبعاث الدولة اليهودية في فلسطين بتأييد تام من
حكوماتنا وشعوبنا في الولايات المتحدة وبريطانيا"؟!
لنجد أن الجهد المبذول من أجل إخراج الكتاب في أبواب موثقة يهدف إلى إعطاء
صورة شاملة عن حقيقة اللوبي الصهيوني العالمي الذي نشأ ولا يزال إلى يومنا
هذا بين الحركة الصهيونية العالمية المتبلورة في أدائها ووظيفتها وبرامجها
مع أداء وسلوكيات وأهداف الدول الكبرى التي سعت منذ اللحظات الأولى للمؤتمر
الصهيوني الأول إلى إخراج السيناريو المطلوب والمتفق عليه لاستبعاد
"المسألة اليهودية" عن أوروبا في الحربين العالميتين الأولى والثانية، ودور
الصهيونية والماسونية العالمية والأثرياء اليهود بإشعال تلك الحروب، ورغم
ضحايا رحى المعارك التي ذهب فيها الملايين من البشر (40 مليون) وبالأخص بين
أعوام (1940-1945) يغالي اليهود المتعصبون والصهاينة في قضية (المحرقة
النازية) فلم تكرس الدعاية الغربية إلا للقتلى اليهود (بينما لم يسلط الضوء
على غيرهم) الذين ماتوا أو قتلوا نتيجة البرد والأمراض والجوع في السجون
والمعتقلات النازية كغيرهم من السجناء الكاثوليك أو الأرثوذكس أو اليساريين
أو الاشتراكيين أو الماركسيين أو الليبراليين؟!.

ولعل اتهام ألمانيا بالمحرقة النازية وابتزازها طيلة السنوات الماضية دفع
المؤرخ ديفيد أرفينغ لرفع دعوى قضائية في محاكم بريطانيا ضد الكاتبة
اليهودية المتعصبة (دبورة لبشتات) وتأييد أثرياء اليهود لها مع أهودا باراك
الذي اعتبر ربحها للقضية انتصاراً للعالم الحر، بينما أكد أرفينغ بأن
المحرقة خدعة صهيونية لاستجرار عطف الدول الغربية الكبرى لتأييد تهجير
اليهود إلى فلسطين ودعم الحركة الصهيونية وخفايا العلاقة التي تربط
الجستابو فرع (11/112) مع المنظمات الصهيونية (أرغون- وهاشومير وهاتسعير-
وشتيرن) ومع غولدا مائير أو مع شركة هآفارا لها دلالات هامة[2].

لقد لعبت الدول الكبرى بحلفها المقدس مع الحركة الصهيونية العالمية أدوار
خطيرة لاستبعاد "المسألة اليهودية" عن أوروبا باتجاه المنطقة العربية
والإسلامية كي تبقى تلك المناطق ملحقة بالمصالح الاستعمارية كعامل جوهري
للتوتر وعدم الاستقرار في المنطقة، فما العمل لإيجاد الوسائل والطرق
لاستعادة حقوقنا القومية المشروعة وإعادة بناء دولة فلسطين الديمقراطية؟
لعل تأنيب الضمير الذي أعلن عنه شلومو بن عامي وزير الخارجية الإسرائيلي
(السابق) وعلق عليه السيد هنري سيغمان المسؤول في المجلس اليهودي الأمريكي
تعبر عما أحدثته انتفاضة الأقصى ودماء شبابها (جرحى وشهداء) من هزة عنيفة
في نفوس البعض، ودعوة سيغمان للإسرائيليين الساسة والقيادة لاتخاذ أفكار
شلومو بن عامي كبداية للاعتراف بالحق الفلسطيني كشعب وكمشكلة وطنية كبرى
تتحمل إسرائيل و"الصهيونية العالمية" مسؤوليتها، وإعادة الحق المغتصب إلى
أصحابه الشرعيين ربما يخفف المعاناة والجهود باتجاه وقائع جديدة تجد الحلول
طريقها نحو الاعتراف (بمسألة فلسطين) من قبل حكام بريطانيا والولايات
المتحدة. إذاً كم من الشجاعة وتأنيب الضمير يلزم لغزاة لا يفهمون. لقد كانت
رؤية "ريتشارد مورفي" مساعد وزير الخارجية الأميركي الأسبق وكبير الباحثين
في مجلس العلاقات الخارجية في صحيفة "المستقبل" اللبنانية (18/10/2000م ص
14) متناقضة وهشة إلى حدود بعيدة جداً فهو في الوقت نفسه الذي يؤكد فيه
على: "أن الولايات المتحدة ما زالت تدعم بكرم وسخاء جهود (إسرائيل) للتوصل
إلى الأمن القومي وأنها القوة المتفوقة في المنطقة، إلا أنها لا تزال تشعر
بأنها مهددة"؟!

لنلاحظ كم هي متناقضة تعبيرات مورفي، فهو يؤكد بأن "إسرائيل" ((قوة
متفوقة)) وفي الوقت نفسه ((مهددة)) إن القوى المتفوقة هي التي تهدد دول
وشعوب المنطقة، لا بل وتمارس سياسة الإبادة والتطهير العرقي ضد الشعب
الفلسطيني، والمضحك في آرائه تلك ما يظهر بأن ((الأميركيين والإسرائيليين
والفلسطينيين)) ((يتعرضون إلى أعمال العنف)) كيف يمكن تفسير هذه الرؤيا
السخيفة لكبير الباحثين، إذ من أين تتأتى أعمال العنف على الأطراف الثلاثة
المذكورة هذا من جهة ومن جهة أخرى كيف يمكنه تغطية أعمال حكام "إسرائيل"
الإرهابية والدموية بإيقاف ((نزف الدماء كأولوية)) بقصد طمس حقيقة العدوان
الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع خلال انتفاضة الأقصى إذ
هنالك أكثر من 30 ألف جريح ومشوه وأصحاب عاهات دائمة بفعل ممارسات جيش
الاحتلال الوحشية المقصودة إضافة إلى أكثر من (6) آلاف شهيد؟! أين هي
اتفاقيات جنيف والقانون الدولي؟! إن الذي يتخبط في عملية السلام الآن هي
الولايات المتحدة وسياستها الخارجية الفاشلة لا بل وسياسة حكام "إسرائيل"
الفاشية، والفارق هنا أن السياسيين في الإدارات الأمريكية كالغزاة الصهاينة
لا يفهمون، إلا إعطاء التوجيهات والنصائح للرضوخ للصهاينة الغزاة من قبل
سماسرة الأوطان والشعوب.

محمد علي سرحان
دمشق 10/10/2001


***

الباب الأول
الصهيونية العالمية من بنيامين فرانكلين ((إلى نابليون بونابرت ووعد بلفور))


1 تحذيرات بنيامين فرانكلين:

حذر مؤسس الولايات المتحدة بنيامين فرانكلين في خطابه أمام المجلس التأسيسي
الأمريكي عام 1789م أي بعد إعلان الدستور الأمريكي في عام 1787م، مخاطباً
السادة النبلاء في ذلك الوقت: "لا تظنوا أن أمريكا نجحت في الابتعاد عن
الأخطار بمجرد أن نالت استقلالها، فهي ما دامت مهددة بخطر جسيم لا يقل
خطورة عن الاستعمار نفسه، وسيأتي ذلك الخطر من تكاثر اليهود وسوف يصيبنا ما
أصاب البلاد الأوروبية التي تساهلت مع اليهود الذين سعوا للقضاء على
تقاليد أهلها ومعتقداتهم وفتكوا بحالتهم المعنوية وشبابها لأنهم أشاعوا
الرموز والأفكار الخاصة بالماسونية الإباحية واللاأخلاقية التي كرسوها بين
النخب الحاكمة ثم أفقدوهم الجرأة على العمل وجعلوهم ينحون باتجاه الكسل
والتقاعس والفوضى"، بما حاكوه من فتن وحيل لمنافسيهم بالسيطرة على المؤسسات
الاقتصادية والأمنية والمالية[3]، فأذلوا أهلها وأخضعوهم لمشيئتهم وقدرات
خفية أساؤوا فيها للإنسانية والتقدم البشري ورفضوا الاختلاط بالشعوب التي
يعايشونها، بعد أن كتموا أنفاسها ولاحقوا خيرة أبنائها وأمسكوا بزمام
حياتها ومستقبلها.

***

2 المذابح الأوربية ضد اليهود (1384-1350)
يمكننا الرجوع قليلاً للتاريخ الوسيط في أوروبا لمعرفة المذابح الأوروبية
المرتكبة ضد اليهود بين أعوام 1348م-1350م حيث أدت الفتن المشبعة بالحقد
الأعمى إلى نتائج رهيبة ضد يهود أوروبا وبالأخص في ستراسبورغ بالنمسا فبسبب
من دور المرابين اليهود والتجار وأصحاب المصارف فيها دعت الجمعيات
العمالية والحرفية إلى قتل اليهود وإفنائهم لأنهم يحتكرون المال والسلع
والاستثمار، ولكن ممثلي الطبقات الغنية في مجلس المدينة المذكورة رفضوا
الحملة ضدهم لأن اليهود وممثلي مجلس المدينة جنوا الأرباح الخيالية من
الربا والتجارة اليهودية، أما الكنيسة والأمراء والفرسان أيدوا الحملة ضدهم
التي قادتها الجمعيات الحرفية للتخلص من ديون الربا واحتكار الأسواق
والمصارف، فشبت الحرائق في أملاك اليهود بل وأحرق البعض منهم أحياء في
أنحاء الزاس وستراسبورغ ضمن الساحات العامة وفي عام 1348م وبعد أن ذبحت
بورجوازية المدينة جميع اليهود في المدينة المسماة "نيدلينفن" استولوا على
جميع أملاكهم وطردوهم منها، وتحرر هؤلاء من ديون اليهود المفروضة عليهم،
ورغم أن إدارة مجلس المدينة المذكورة قاومت تلك الأعمال إلا أنها رضخت
لأنشطة الطبقة الجديدة ويقول سيسيل روث: "عهود اليهود المظلمة بدأت من عصر
النهضة الأوروبية، ولهذا نؤكد أن عصر النهضة بدأ من نقطة الفتك باليهود
أنفسهم وملاحقتهم"[4].

وانقسم اليهود إلى قسمين:
قسم أول: فرض عليه الاندماج في المجتمعات الأوروبية إلى الحد بتغيير
ديانته اليهودية إلى المسيحية كما حصل في روسيا، واسبانيا، والبرازيل،
وكما حصل مع (يهود الدونما) في الامبراطورية العثمانية والدخول في معترك
المنافسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية القادرة بالهيمنة على مواقع
القرار أساساً في الحرب الخفية.
قسم ثان: غادر أسوار "الغيتو" في أوروبا الشرقية وانخرط بالأفكار
والعمليات الثورية والراديكالية إلا أنه دعا إلى الهجرة اليهودية على أساس
الاعتراف بالدولة اليهودية التي دعا إليها هرتزل حيث قدم تفسيرات جديدة
لمسار المسألة اليهودية تختلف عن تفسيرات الاتجاه الديني المتعصب الذي لم
يرض بأي شكل تسويغ مفهوم الدولة بالعلمانية لأن الوعد الرباني لم يكتمل
بعد، وهم (الحريديم)، أي من (الخلوتصيم)[5].

هذا ما يفسر التناقض بين الاتجاه الديني المتعصب كأحزاب:
(ناطوري كارتا)، و(حركة شاس) فالأولى لا تعادي العرب بشكل فج بل تقف ضد
المشاريع الصهيونية برمتها وضد الاستيطان بينما الثانية تعادي العرب بشكل
خطير وتؤيد الاستيطان بكل أشكاله هذا التشتت الواسع في الحركة اليهودية
الدينية والحركة الصهيونية العلمانية له خلفياته الدينية والروحية
والسياسية والاستعمارية فحتى أقرب حلفاء اليهود في أوروبا رفضوا مشاركتهم
في برلماناتهم. فهذا اللورد شافتسبري الذي لا يمثل أياً من الاتجاهين بل
يمثل الاحتكارات الكبرى، دعا اليهود إلى الهروب من القتل والمحارق والمذابح
التي أعدها الأوروبيون لهم، أي باختصار الهروب من جحيم أوروبا إلى مكان
آمن يقيمون عليه دولة يهودية خاصة بهم[6].

لقد عارض شافتسبري اليهودي الاحتكاري صاحب رؤوس الأموال الضخمة مع أبناء آل
روتشيلد وشركاتهم الواسعة إلى عدم دمج اليهود في المجتمع الأوروبي أو
البريطاني والدعوة إلى التحرر المدني، فهؤلاء اليهود القادمون من روسيا
وآسيا الوسطى وبولونيا وهنغاريا لا يستحقون العيش في أوروبا لأنهم أصحاب
فتن ومشاكل تجعل أوربا المتحضرة بؤرة فساد لهم بكل ما يحمله الفساد من
معنى، لقد ركز أدموند روتشيلد واللورد شافتسبري لتهجيرهم بالقوة إلى "أرض
الميعاد" على أساس ما ورد في التوراة أو ما ورد في كتاب هرتزل وبهذه الصورة
شكلت الزعامة اليهودية وزعيم الصهيونية العالمية هرتزل رؤية مشتركة، رغم
أن التناقض لم يكن له أن يظهر على السطح مطلقاً بل كان هنالك تفاهم كرسه
فيما بعد بن غوريون وغولدا مائير وييغال آلون بتوحيد الهاغاناه والمنظمات
الصهيونية في ما يسمى بـ"جيش الدفاع الإسرائيلي" بعد عام 1950م[7].

أما مع بداية عام 1920م بدأ بشكل واضح في تاريخ منطقتنا العربية انتقال
أنشطة الصهيونية إلى مرحلة متصاعدة من أعمال العنف والإرهاب وحملت عقيدة
إجرامية متمثلة بالهجوم والاقتحام التي أعدت بشكل مدروس ومخطط له سلفاً
بسفك الدماء والتدمير وتنشيط عمل الأيدي الخفية المتمثلة بمنظمات
(الهاغاناه)م. الدفاع القومي ونادي النبي موسى وحزب جابوتنسكي وبيغن وأرغون
وشتيرن واتسل وليحي وفي عام الدماء الأول قتل (يوسف ترامبدور) صديق
جابوتنسكي بعد اشتباكات مع العرب.
وعملت بريطانيا على تأسيس (المؤسسة العسكرية) بعيد انتدابها في فلسطين وعين
(ب. شالوم شطريت) مديراً عاماً لشرطة طبريا وشمال فلسطين ثم مديراً لشرطة
تل أبيب ثم وزيراً للشرطة "الإسرائيلية" بمساعدة بريطانيا عام 1933م، وسعت
بريطانيا بشكل مستمر متعاونة بين استخباراتها والمنظمات الصهيونية إلى
تهجير اليهود.
وأقيمت عام 1938م (سرايا الليل الخاصة) بمباركة القوات البريطانية
ومساندتها وتم تنفيذ المجازر والمذابح بحق الشعب الفلسطيني حينذاك بموافقة
بريطانيا وتتحمل المسؤولية كاملة عنها حتى الآن[8].

محاولات تكوين الشعب خارج أرض فلسطين
عند مراجعة وثائق فلسطين وكتاب "الدولة اليهودية" لهرتزل يلاحظ الباحث
والمحلل أن مشروع هرتزل اتسم بمغالطات تاريخية وسياسية كبيرة جداً. إضافة
إلى كونه مالأ واستجر عطف الدول الأوروبية والسلطان العثماني للوصول إلى
أهدافه التوراتية بالمال والضغوط السياسية لشراء وطن ليهود العالم، هؤلاء
اليهود منذ آلاف السنين لم يجمعهم جامع ولا سوق مشتركة ولا إنتاج مشترك وإن
تشابهت أعمال المرابين الجشعين منهم، ولم يكن لديهم وطن أو أرض توحدهم في
إطار ما أسماه هرتزل "شعب يهودي" أو "أمة يهودية" فالأمة الألمانية والأمة
الفرنسية مشكلتان منذ آلاف السنين وتتمتع كل منهما بميزات حقيقية، أما
ادعاء هرتزل فذلك نابع من "الحلم التوراتي الديني" الممزوج بحلم صهيوني
وأحباء صهيون في التخلص من الاضطهاد والفقر الذي تعرضوا له في أوروبا في
القرون الوسطى[9].

ولعل تبنيه لإقامة دولة يهودية تجمع يهود الشتات، بضمان عامل جوهري
(التهجير) إذ كيف يمكن للتهجير أن يؤسس لدولة تحمل ميزات الشعب، أو الأمة،
وهو يؤكد بأن ما جاء في كتابه من العقائديات وكان كتابه مجرد فكرة متواضعة
لم يدر كيف ستستقبله الطائفة اليهودية وأكبر برهان على ذلك أنه اقترح إقامة
كيان لليهود في الأرجنتين[10].
وهو يحاول رشوة السلطان عبد الحميد الثاني كي يأذن له بمسألة اعترافه بحقوق
"الشعب اليهودي" في الإجراءات التي اقترحها فإن تقدمات اليهود ستصبح ضريبة
سنوية تدفع إلى صاحب الجلالة السلطان(*) وسيبدأ بضريبة مائة ألف جنيه
مثلاً تزداد حسب رأي هرتزل سنوياً.

بهذا الشكل تمكنت الدول الأوروبية ومصالح أغنياء اليهود من التخطيط جيداً
للتخلص من المشكلة اليهودية بدعم انبثاق الهوية اليهودية الجديدة التي وفرت
لها الظروف من خلال اضطهاد اليهود في أوروبا، أما اسحق دوتيشر فأراد من
اليهود أن يتعرفوا على يهوديتهم في أرض اللبن والعسل لمجرد أن يهاجروا إلى
الدولة اليهودية بعد عام 1948م، إذ لا بد لهم أن يعرفوا ذلك في مطار بن
غوريون حيث سيساعدهم موظفو الهجرة والاستيعاب بمعرفة يهوديتهم في أرض
الدولة، فهم إذا قبل مجيئهم إلى الدولة ليسوا يهوداً (صهاينة) بل يهوديتهم
مزعومة ليس إلا، والهجرة والتهجير هي بالنسبة للدولة مضاعفة عدد السكان
مرات ومرات عبر الحبل السري (التهجير) وليس عبر تكوين الشعب والأمة تكويناً
طبيعياً، وقانون العودة الإسرائيلي الذي صدر عام 1950م خطط له منذ زمن
بعيد جداً من أيام بونابرت حتى هرتزل تضمن بأنه يحق لكل يهودي أن يهاجر
فوراً إلى الدولة ضمن إجراءات إدارية وقانونية وأسطورية، حسب (الهالاغاه)
وأرض الميعاد[11]، عبرت أفواج المهاجرين اليهود وتدفقها عن اعتبارات خاصة
فهم يأتون بمهاجرين جدد إلى فلسطين تحت تأثير الدعاية الصهيونية،
والإسرائيلية لإعادة مزجهم في مجتمع هو ليس مجتمعهم، وفي وطن هو ليس وطنهم،
تختلف فيه التركيبة الديمغرافية السكانية عما كانوا عليه في روسيا أو
الولايات المتحدة أو في أي مجتمع سكاني آخر، فتتحول المستوطنات إلى جزر
ومعسكرات مسلحة لها تركيبة كيانية سياسية واجتماعية وعقائدية شبيه تماماً
(بالغيتو) اليهودي سابقاً وهي لا تستطيع الانسجام مع الوسط العربي بل تضع
العراقيل أمامه وتحاول الاعتداء عليه ونسف جذوره التاريخية في إطار دائم من
حالة العنصرية والإرهاب المنظم والطوارئ ضمن إطار من الصراع المفتوح:
السياسي والديني والاجتماعي وحتى الصراع العسكري.

وظهر ذلك جلياً في انتفاضات الشعب الفلسطيني المتكررة وبالأخص أعوام 1987م
و2000م في انتفاضتين متواليتين ظهر فيهما الاحتلال الصهيوني العنصري
مشجعاً لأعمال المستوطنين الإجرامية ضد القرى والمدن الفلسطينية، عوضاً عن
الصراع السياسي والعقائدي الداخلي وطيبعة الانتماءات الدينية والحزبية
والفارق بين العلمانية والدينية في معالجة أمور الحياة المختلفة.
ويعتبر المجتمع الإسرائيلي مختبراً بشرياً غريباً في تركيبته فتتوزع اللوحة على:
-40% أوربيون وأميركيون من يهود (الأشكنازيم) و(الخلوتصيم).
-20% أفارقة (يهود سود).
-17% من اليهود العرب (والسفارديم) و(الحريديم).
-20% من الشعب الفلسطيني.

ويلاحظ ازدياد اليهود الخلوتصيم الروس والشرقيين والاشكنازيم بسبب من
التواتر الطائفي والطبقي والإيديولوجي بلوحة الفسيفسائية ذات الطابع العرقي
والديني، وهنالك صراع حقيقي بين اليهود الأرثوذكس واليهود المحافظين
واليهود العلمانيين الذين يمثلون الأغلبية في الولايات المتحدة وإسرائيل
والصراع المفتوح بين (الحسيدية) و(النصية) اعتبر المفكر اليهودي البولوني
"اسحق دويتشر" أن اليهود بسبب من البيئة المحيطة المعادية لهم استمروا
كونهم يهود وبوصفهم يملكون ميزات يهوديتهم أما الذين ذابوا في المجتمعات
فقد منحتهم الحياة التجدد والوقوف بوجه إسرائيل على اعتبارها تمثل غيتو
يهودي كبير انتقلت باليهود من الغيتو الصغير إلى الغيتو الأكبر[12].

كثيرة هي أساطير اليهود وخرافاتهم التي تتجلى في الانقسام الداخلي حول
تفسيرات توراتية بين تفسير خيالي وتفسير ماساداوي[13] توراتي مستند على
أحداث خيالية تحض على طقوس بدائية حباً بالقتل والإجرام، والانتقاص من جميع
بني البشر، وذلك ما نجده في العصر الإسلامي، ودور اليهود فيه حتى نهاية
العهد العثماني وموقف السلطان عبد الحميد ضدهم، وعدم تخليه عن شبر من أرض
فلسطين.
ظهرت بينهم أيضاً حركات مريبة في ظل الإسلام لعل أشهرها حركة الداعية
اليهودي "أبو عيسى الأصفهاني" الذي عاش في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن
مروان الذي دعا أبناء طائفته إلى التجمع في كيان له صفة سياسية وعقائدية
به، وبعد وفاته جاء بعده (الراعي) أو (الداعي) يودجان وتنسب إليه طائفة
يهودية تدعى (اليودجانية) كذلك ظهر في سوريا أيام الخليفة العادل عمر بن
عبد العزيز يهودي (سيرنوس) ادعى أنه المسيح ودعا إلى مجتمع فوضوي ملتزماً
بالحرية المطلقة وإلغاء سلطة الخليفة وتعطيل الشرائع السماوية وإباحة
النساء دون زواج.

كما قام كردستان يهوذا (داوود الرائي) المولود في مدينة آمد بكردستان 1163م
باستخدام علوم السحر والشعوذة وعلوم الدين اليهودي ومارس عمله بإتقان
وادعى أنه المسيح المنتظر ودعا لاحتلال فلسطين وإعلان دولة إسرائيلية وأشاع
الفوضى في المجتمع الإسلامي، وظهر في المدينة المنورة (خيبر) داوود
الرأوبيني 1490م مدعياً بأنه الوريث الشرعي للعرش اليهودي في خيبر التي
احتلها الرسول الأكرم وتعاون مع بابا روما وملوك أوروبا ومدوه بالسلاح
والأموال لطرد المسلمين من (خيبر) وقابل كليمنت السابع في الفاتيكان 1524م
واستقبلوه باحتفال ضخم رسمياً وبحضرة ملك البرتغال، رغم أن اليهود حينها
دخلوا في المسيحية في اسبانيا والبرتغال، أما ديجو بيريز (سالمون مولخو)
فقد قام المسيحيون بحرقه لأنه ارتد عن المسيحية إلى اليهودية بتهمة الكفر
وألقي القبض على داوود الرأوبيني الذي اتهم بالسحر والشعوذة والكذب فسقط
بين أيدي الإسبان وسجن ثم قتل مسموماً[14].
إضافة إلى ذلك كله فشلت محاولات الدعوة إلى إقامة الدولة اليهودية في
فلسطين، قبيل هرتزل لم يتمكن هؤلاء اليهود المشعوذون القيام بأية حركة تذكر
من أجل ذلك، حتى أن الأسر اليهودية بعد محاكم التفتيش في إسبانيا هربت إلى
أمستردام، وفرانكفورت ولندن أي إلى غرب أوروبا حتى شرقها أو إلى الولايات
الأوروبية الداخلية، إيطاليا وشمال أفريقيا وإيران والعراق.

وقصص عائلة يوسف النسيء دليل على محاولات تجميع أنفسهم لتشكيل مجموعات ضغط.
وعلاقة يوسف مع (موشيه هامون) طبيب السلطان العثماني بالقسطنطينية تمثل
حالة التشرد والضياع والبحث عن الذات ووالد موشيه هامون (يوسف هامون) من
الهاربين من محاكم التفتيش الإسبانية عام 1492م، فكان موشيه ووالده مقربين
من السلاطين بايزيد الثاني وسليم الأول وحصلا على حظوة كبيرة في حضرتهما،
وتمكن موشيه من أن يكون له نفوذ واسع في أوساط الامبراطورية، أما خالة يوسف
النسيء (غراسيا) من أغنياء لشبونة والبندقية، فقد صار مع خالته من أكبر
أغنياء وتجار الشرق الإسلامي وأطلق على المعبد اليهودي في استانبول (معبد
غراسيا منديس) وتزوج يوسف بـ(ريتا ابنة خالته) وخططا فيما بعد للسيطرة على
السلطان سليمان الثاني وحكمه وبمساعدة موشيه هامون، قبل ظهور هرتزل بـ
ثلاثة قرون لاحتلال أجزاء من فلسطين في سبيل الوصول إلى أحلام توراتية
بائدة.
طالب يوسف النسيء من السلطان تقديم إقليم (طبريا) ليكون ملجأ يهودياً-
قومياً لليهود من تعسف وظلم الإسبان وأعطاه أيضاً أرخبيل جزيرة نيكسوس في
اليونان حتى سمى نفسه حاكماً ودوقاً لطبريا ومتصرفاً ببحر إيجه[15].

في نفس تلك الفترة تقريباً (1648م-1658م) عند التمرد القوزاقي الذي قاده
بوغدان شميلي نزاكي ضد بولونيا ويهودها المقيمين في أملاك النبلاء
الكاثوليك في بولونيا، تجذرت محاولات عديدة من الشعوب وقياداتها لطرد
اليهود واقتلاعهم وقتلهم لما أدوه من أدوار خطيرة عبر الدسائس والمؤامرات،
واحتكار التجارة[16].
هنالك العديد من المواضيع والتواريخ التي يمكن كشفها في سلسلة الأحداث
التاريخية التي ترصد الغيتو اليهودي أو دور زعامات يهودية حاولت الدعوة
لتشكيل تجمعات، أو وطن ما في أماكن متعددة، وتوجهاتهالجعل فلسطين توراتية
قبل هرتزل بمئات السنين، حتى إن أفكار هرتزل الأولية عما يسمى (الدولة
اليهودية) كانت مجرد أفكار متواضعة فحسب وهي دعوات مأخوذة عن ارتباط مصالح
البارونات في المستعمرات البريطانية مع مصالح الشركات اليهودية وبخاصة
شركات آل روتشيلد، وبالأخص بعد ظهور النفط واكتشافاته في عام 1917م- وعام
1936م حيث كرست المصالح المشتركة للهيمنة على منابع النفط وتطوير مواقفها
الاستراتيجية فيما بعد وكانت "إسرائيل" ولا تزال ركيزة متقدمة لتلك
المصالح.

إلا أن المؤرخ اليهودي يسرائيل شاحاك، كعالم اجتماع في المجتمع الإسرائيلي
اليوم، حاول التأريخ للمسألة اليهودية بشكل مثير فعلاً، فاعتبر اتساع حركة
التنوير والتحر اليهوديين، من ظلم المحاكم الحاخامية التي لا تقبل إلا
بشهادات اليهود ولا تقبل بأي شكل كان شهادات غير اليهود أضف إلى أنه أكد
بأن النساء اليهوديات ممنوعات من الشهادة أمام تلك المحاكم وأن المجتمع
اليهودي يعتبر المرأة غير اليهودية (عاهرة) واعتبر انتهاك حرمة يوم السبت
من قبل أي طبيب وما شابه لإنقاذ حياة أي شخص يهودي مسألة إنسانية ودينية
أما إنقاذ غير اليهودي، فذلك معادٍ للدين اليهودي و(الهالاغاة).
كذلك فإن بيع الأراضي لغير اليهود في دولة "إسرائيل" ممنوع قطعاً ويعتبر خارجاً عن الشريعة اليهودية.

اليهود لم يكونوا منذ زمن بعيد جداً ضحايا للحقد غير العقلاني ومعاداة
السامية بل احتلوا مراكز اجتماعية، فبعد تشردهم الثاني تحولوا إلى طبقة
وسطى ورجال نبلاء وأمراء وحاكمين بين الفلاحين والأقنان، فإن الكثير من
الثورات والتمردات والانتفاضات التي قام بها فلاحو أوروبا الشرقية
(بولونيا) إنما كان ضد مضطهديهم المباشرين أي التجار وأصحاب الأموال
والمصارف من اليهود.
أما التعاون الذي قام في إسبانيا في العصر الذهبي للإسلام بين (اليهود
والإسلام). فقد ازدهر بشكل واسع بعد انهيار الخلافة الأموية ونشوء الممالك
والمدن البربرية الصغيرة مثل مدينة (غرناطة) حيث كانت فئات التجار والضباط
يحكمون السكان العرب المحليين.
لكن القائد صلاح الدين الأيوبي عين طبيبه الخاص يهودياً وهو المؤرخ والطبيب
ابن ميمون (حاكماً ومتصرفاً بالمجتمع اليهودي) وفرض على مجتمعه قوانين
دينية- يهودية صارمة وحظي (الغيتو) بحكم ذاتي مستقل، وهذا الحكم كان يخدم
النخب الحاكمة اقتصادياً ومالياً داخلياً وخارجياً، رغم أن للغيتو حياته
الخاصة الدينية والقانونية والاجتماعية في مدن عربية أوجدت تشريعات الأحوال
الشخصية خاصة بزواج وحياة اليهود فيها، دون وجود لأية ظاهرة اضطهاد ضدهم.
لقد تأثر شاحاك بالعلماء والفلاسفة اليهود أمثال سبينوزا ضمن التصورات
العلمانية التي كان يقودها مع الشعراء والأطباء والفلاسفة حيث شهد هؤلاء
معاناة واسعة من الاضطهاد الأوروبي عبر التاريخ وليس من الاضطهاد الإسلامي
أو العربي.

لقد اعتبر شاحاك بأن معظم مواقف اليهود كانت نابعة من (العجز والقلق) لا من
الكراهية والحقد، وأن (الهالاغاة) اعتبرت شريعة يهودية داخلية ضمن المجتمع
اليهودي (الغيتو) وموجهة أساساً إلى اليهود أكثر مما كانت موجهة إلى
الأغيار (غير اليهود) بما فيها اضطهاد النساء اليهوديات وحسب (باروخ كيمر
لينغ) فإن شاحاك لعب لعبة خطيرة في كتابه (التاريخ اليهودي- والديانة
اليهودية) إلا وهي لعبة عتاة الرجعيين حينما تطرق لتأريخ المسألة اليهودية
من خلال المؤسسة اليهودية واستند على تعريف (الغوييم) من دائرة المعارف
اليهودية "التلمودية" و"العبرانية" فهو قد واجه مشكلة أساسية تتمثل بشخصيته
ودوره في التأريخ لليهود من خلال (التزامه بالحركة الصهيونية العالمية)
التي تسببت بطرد الشعب الفلسطيني من أرض وطنه ودياره، ذلك الشعب الذي لا
يعتبر مسؤولاً عن المحرقة النازية المزعومة وهو لا يستحق ذلك الاضطهاد
الأميركي والأوروبي واليهودي المفروض عليه حتى الآن[17].

الخطورة تكمن هنا برؤية شاحاك أنه اعتبر اليهودية ديناً متجانساً وليس
بوصفها نظاماً اجتماعياً دينياً مغلقاً ومعقداً غير متجانس ونظام استيطاني
إرهابي ويستخدم "الديا سبورا" لبناء دولته بالتآمر مع الدول الاستعمارية
الكبرى والأيدي الخفية أما أفكار يسرائيل شاحاك التي اعتمد فيها على أسس
نظرية هلامية لم تكشف فعلاً حقيقة الدور الخفي للصهيونية العالمية حيث كرست
التصورات التآمرية بأجلى صورها في (البروتوكولات) لأن شاحاك اعتبر أن تطور
المسألة اليهودية جاء في إطار تاريخي طبيعي للمسألة اليهودية- وما تبعها،
لكن دور الحركة الصهيونية العالمية لم تنشأ في سياق التاريخ بل هي حركة
معادية لتاريخ منطقتنا العربية ومحطمة لآمال ومصير الشعب الفلسطيني لأن
تاريخ الحركة اليهودية- والصهيونية هو جزء من تاريخ أوروبا نفسها وبخاصة
(المسألة اليهودية) التي تحدث عنها كارل مارك وانتقدها جيداً وهي أساساً
غير تاريخ الشعوب العربية والإسلامية ولم يكن منهجه منهجاً سليماً بل
عقيماً[18].

لذا أكد هرتزل وغيره أن الصهيونية يمكن أن تكون حلاً جزئياً جداً للمسألة
اليهودية لأن جزءاً صغيراً من يهود أوروبا يريدون الهجرة إلى "أرض الميعاد"
أينما كانت تلك الأرض في الأرجنتين، أو الكونغو، أو قبرص، أو فلسطين.
إلا أن بن غوريون دعا إلى تهجير يهود الشتات كلهم إلى أرض الكيان الصهيوني-
الجديد في فلسطين متوجها برغبات بريطانيا الاستعمارية ومدعوماً منها.
إن حقيقة "الدياسبورا" في فكر وممارسات القيادات الصهيونية كانت متناقضة،
وبخاصة أن اليهود الأغنياء في أوروبا الشرقية أو في بقية أنحاء العالم لا
يريدون الهجرة إلى تلك الدولة، بل فقراء ومضطهدو اليهود هم الذين وجب
تهجيرهم. وهذا ما رمى إليه سمولنسكن: (نحن مدعوون ألا نحاول الذهاب إلى
الأرض المقدسة دفعة واحدة بل يرغب الرب أن تكون الهجرة على دفعات).

وأكد بنسكر: (إن الفائض من اليهود غير القابلين للاندماج في وطن آمن لا تنتهك حرمته).
لا ريب أن دعوة الحركة الصهيونية لبناء المستعمرات لم ينتج بنفسه نمطاً
يوافق طبيعة وأخلاق وعنصرية ذلك العقل اليهودي وشخصيته إلا بكونه مشروعاً
استعمارياً وعلى أن تكون الدولة اليهودية استيطانية وذات خصوصية فريدة، ركز
عليها هرتزل كدولة روحية وثقافية لليهود فقط، هي بالتالي دعوات عنصرية
خالصة معادية لشعبنا الفلسطيني والشعوب العربية والأمم الأخرى[19].
***
يتبـع
محاولات تكوين الشعب خارج أرض فلسطين
عند مراجعة وثائق فلسطين وكتاب "الدولة اليهودية" لهرتزل يلاحظ الباحث
والمحلل أن مشروع هرتزل اتسم بمغالطات تاريخية وسياسية كبيرة جداً. إضافة
إلى كونه مالأ واستجر عطف الدول الأوروبية والسلطان العثماني للوصول إلى
أهدافه التوراتية بالمال والضغوط السياسية لشراء وطن ليهود العالم، هؤلاء
اليهود منذ آلاف السنين لم يجمعهم جامع ولا سوق مشتركة ولا إنتاج مشترك وإن
تشابهت أعمال المرابين الجشعين منهم، ولم يكن لديهم وطن أو أرض توحدهم في
إطار ما أسماه هرتزل "شعب يهودي" أو "أمة يهودية" فالأمة الألمانية والأمة
الفرنسية مشكلتان منذ آلاف السنين وتتمتع كل منهما بميزات حقيقية، أما
ادعاء هرتزل فذلك نابع من "الحلم التوراتي الديني" الممزوج بحلم صهيوني
وأحباء صهيون في التخلص من الاضطهاد والفقر الذي تعرضوا له في أوروبا في
القرون الوسطى[9].

ولعل تبنيه لإقامة دولة يهودية تجمع يهود الشتات، بضمان عامل جوهري
(التهجير) إذ كيف يمكن للتهجير أن يؤسس لدولة تحمل ميزات الشعب، أو الأمة،
وهو يؤكد بأن ما جاء في كتابه من العقائديات وكان كتابه مجرد فكرة متواضعة
لم يدر كيف ستستقبله الطائفة اليهودية وأكبر برهان على ذلك أنه اقترح إقامة
كيان لليهود في الأرجنتين[10].
وهو يحاول رشوة السلطان عبد الحميد الثاني كي يأذن له بمسألة اعترافه بحقوق
"الشعب اليهودي" في الإجراءات التي اقترحها فإن تقدمات اليهود ستصبح ضريبة
سنوية تدفع إلى صاحب الجلالة السلطان(*) وسيبدأ بضريبة مائة ألف جنيه
مثلاً تزداد حسب رأي هرتزل سنوياً.

بهذا الشكل تمكنت الدول الأوروبية ومصالح أغنياء اليهود من التخطيط جيداً
للتخلص من المشكلة اليهودية بدعم انبثاق الهوية اليهودية الجديدة التي وفرت
لها الظروف من خلال اضطهاد اليهود في أوروبا، أما اسحق دوتيشر فأراد من
اليهود أن يتعرفوا على يهوديتهم في أرض اللبن والعسل لمجرد أن يهاجروا إلى
الدولة اليهودية بعد عام 1948م، إذ لا بد لهم أن يعرفوا ذلك في مطار بن
غوريون حيث سيساعدهم موظفو الهجرة والاستيعاب بمعرفة يهوديتهم في أرض
الدولة، فهم إذا قبل مجيئهم إلى الدولة ليسوا يهوداً (صهاينة) بل يهوديتهم
مزعومة ليس إلا، والهجرة والتهجير هي بالنسبة للدولة مضاعفة عدد السكان
مرات ومرات عبر الحبل السري (التهجير) وليس عبر تكوين الشعب والأمة تكويناً
طبيعياً، وقانون العودة الإسرائيلي الذي صدر عام 1950م خطط له منذ زمن
بعيد جداً من أيام بونابرت حتى هرتزل تضمن بأنه يحق لكل يهودي أن يهاجر
فوراً إلى الدولة ضمن إجراءات إدارية وقانونية وأسطورية، حسب (الهالاغاه)
وأرض الميعاد[11]، عبرت أفواج المهاجرين اليهود وتدفقها عن اعتبارات خاصة
فهم يأتون بمهاجرين جدد إلى فلسطين تحت تأثير الدعاية الصهيونية،
والإسرائيلية لإعادة مزجهم في مجتمع هو ليس مجتمعهم، وفي وطن هو ليس وطنهم،
تختلف فيه التركيبة الديمغرافية السكانية عما كانوا عليه في روسيا أو
الولايات المتحدة أو في أي مجتمع سكاني آخر، فتتحول المستوطنات إلى جزر
ومعسكرات مسلحة لها تركيبة كيانية سياسية واجتماعية وعقائدية شبيه تماماً
(بالغيتو) اليهودي سابقاً وهي لا تستطيع الانسجام مع الوسط العربي بل تضع
العراقيل أمامه وتحاول الاعتداء عليه ونسف جذوره التاريخية في إطار دائم من
حالة العنصرية والإرهاب المنظم والطوارئ ضمن إطار من الصراع المفتوح:
السياسي والديني والاجتماعي وحتى الصراع العسكري.

وظهر ذلك جلياً في انتفاضات الشعب الفلسطيني المتكررة وبالأخص أعوام 1987م
و2000م في انتفاضتين متواليتين ظهر فيهما الاحتلال الصهيوني العنصري
مشجعاً لأعمال المستوطنين الإجرامية ضد القرى والمدن الفلسطينية، عوضاً عن
الصراع السياسي والعقائدي الداخلي وطيبعة الانتماءات الدينية والحزبية
والفارق بين العلمانية والدينية في معالجة أمور الحياة المختلفة.
ويعتبر المجتمع الإسرائيلي مختبراً بشرياً غريباً في تركيبته فتتوزع اللوحة على:
-40% أوربيون وأميركيون من يهود (الأشكنازيم) و(الخلوتصيم).
-20% أفارقة (يهود سود).
-17% من اليهود العرب (والسفارديم) و(الحريديم).
-20% من الشعب الفلسطيني.

ويلاحظ ازدياد اليهود الخلوتصيم الروس والشرقيين والاشكنازيم بسبب من
التواتر الطائفي والطبقي والإيديولوجي بلوحة الفسيفسائية ذات الطابع العرقي
والديني، وهنالك صراع حقيقي بين اليهود الأرثوذكس واليهود المحافظين
واليهود العلمانيين الذين يمثلون الأغلبية في الولايات المتحدة وإسرائيل
والصراع المفتوح بين (الحسيدية) و(النصية) اعتبر المفكر اليهودي البولوني
"اسحق دويتشر" أن اليهود بسبب من البيئة المحيطة المعادية لهم استمروا
كونهم يهود وبوصفهم يملكون ميزات يهوديتهم أما الذين ذابوا في المجتمعات
فقد منحتهم الحياة التجدد والوقوف بوجه إسرائيل على اعتبارها تمثل غيتو
يهودي كبير انتقلت باليهود من الغيتو الصغير إلى الغيتو الأكبر[12].

كثيرة هي أساطير اليهود وخرافاتهم التي تتجلى في الانقسام الداخلي حول
تفسيرات توراتية بين تفسير خيالي وتفسير ماساداوي[13] توراتي مستند على
أحداث خيالية تحض على طقوس بدائية حباً بالقتل والإجرام، والانتقاص من جميع
بني البشر، وذلك ما نجده في العصر الإسلامي، ودور اليهود فيه حتى نهاية
العهد العثماني وموقف السلطان عبد الحميد ضدهم، وعدم تخليه عن شبر من أرض
فلسطين.
ظهرت بينهم أيضاً حركات مريبة في ظل الإسلام لعل أشهرها حركة الداعية
اليهودي "أبو عيسى الأصفهاني" الذي عاش في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن
مروان الذي دعا أبناء طائفته إلى التجمع في كيان له صفة سياسية وعقائدية
به، وبعد وفاته جاء بعده (الراعي) أو (الداعي) يودجان وتنسب إليه طائفة
يهودية تدعى (اليودجانية) كذلك ظهر في سوريا أيام الخليفة العادل عمر بن
عبد العزيز يهودي (سيرنوس) ادعى أنه المسيح ودعا إلى مجتمع فوضوي ملتزماً
بالحرية المطلقة وإلغاء سلطة الخليفة وتعطيل الشرائع السماوية وإباحة
النساء دون زواج.

كما قام كردستان يهوذا (داوود الرائي) المولود في مدينة آمد بكردستان 1163م
باستخدام علوم السحر والشعوذة وعلوم الدين اليهودي ومارس عمله بإتقان
وادعى أنه المسيح المنتظر ودعا لاحتلال فلسطين وإعلان دولة إسرائيلية و
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://mshariq.alafdal.net
 
الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم.
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحلف الاستعماري وقضية فلسطين دور مجموعات الضغط واللوبي الصهيوني في قضايا السياسة في المنطقة والعالم.

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات فجر المشارق السودانيه :: المنتدي العام :: منتديات السياسه-
انتقل الى: